الخميس، 17 أبريل 2014

اليهودي الحالي و فاطمة



 
خلال هذا الاسبوع قرأت رواية فريدة من نوعها اسمها اليهودي الحالي، هكذا كانت تطلق فاطمة بنت المفتى على الفتى اليهودي سالم ابن النقاش. لم أعد أقرأ كثيراً لكن هذه الرواية شدت انتباهي بشكل عجيب و تركتني في حالة تشوق لقرائتها فصلاً بعد فصل. و في النهاية ترتكتني هذه الرواية في حالة من الذهول فقد عالجت موضوع الأنا و الآخر على نحو بالغ الجراءة.

و لنترك تقديم الرواية على لسان الكاتب و الشاعر اليمني علي المقري:

كانت فاطمة تقرأ القرآن على سالم الشاب اليهودي، و تعلمه اللغة العربية. و كان يعلمها هو العبرية. تحابا ،  و لكنه حب محرم في ظل الخلاف بين اليهود و المسلمين في قرية ريد اليمنية.

مضيا غير مكترثين بالأصوات المعترضة. استقرا في صنعاء حيث بدأت رحلة أخرى من المواجهة.

راوية حب قوية تنقل القارئ إلى أجواء الصراع الذي عاشه اليمن في القرن السابع عشر بين المسلمين و اليهود.

*************
رواية تجعلك تعيش تناقضات التعامل مع الآخر المختلف في الدين و المذهب, و الحكم المسبق على الأصول و الخلفيات و كأنها وحدها هي من تعرف و تتحكم في مصير الانسان.
و حينما يأتي أمر كالحب لا يعرف حداً للأدوار التي وضعها المجتمع و لا يعترف باختلاف المشارب و الجذور, يرتبك ازاءه المجتمع و يرى هذان الشخصان المتحابان نفسيهما خارج إطار هذا المجتمع منبوذان من هنا و هناك.

إليكم ملخص الرواية بقلم الأستاذ عيد عبدالله الناصر:

مائة وخمسون (150) صفحة من الحجم المتوسط، هي مسافة الطريق الذي قطعه علي المقري في رواية “اليهودي الحالي” و يتوقف المشوار السردي عند مفترق طرق خماسي الجهات في لحظة تشعر فيها بأنك في حاجة ماسة للمتابعة، بشكل أو بآخر، بمفردك أو برفقة صديق آخر، بشرا أو كتابا أو ذكريات .

هي حكاية كل النزاعات بين مختلف الأديان والمذاهب والأفكار الوضعية والسماوية رمزت في ثلاثة أجيال يمانية: فاطمة وحبيبها اليهودي الحالي (سالم)، والثاني ابنهما سعيد، والثالث حفيدهما إبراهيم بن سعيد. الجزء الأكبر والرئيسي من الرواية يحكي قصة فاطمة، ابنة مفتي القرية، التي أحبت الصبي اليهودي (سالم) الذي كان كثير التردد على منزل العائلة لأنه كان يقضى حوائج منزلهم من الحطب وغيره، أحبته فعلمته الكتابة والقراءة باللغة العربية، هذه الخطوة التي صارت أشبه بالحرب في حارة اليهود الذين قرروا على إثرها تعليم أولادهم القراءة والكتابة بالعبرية، فتمكن سالم من تعلم العبرية أيضا وتعليمها إلى فاطمة ليتحقق بذلك مشهد التبادل والتكامل الفكري والثقافي بينهما.

 بعد بلوغ سالم سن الرجولة خطبته فاطمة لنفسها فتزوجا سرا وخرجا من القرية إلى صنعاء، وتوفيت فاطمة وهي تضع مولودهما الأول (سعيد) فصارت قضية دفنها في مقابر اليهود مشكلة (لأنها كافرة)، وصارت تربية المولود الجديد قضية لم يكن لها حل سوى حبيبين شبيهين لفاطمة وسالم هما صبا اليهودية وعلي بن المؤذن اللذين تزوجا وتركا مدينتهما إلى صنعاء. وحين كبر سعيد تزوج بفتاة أمها يهودية ووالدها مسلم وأنجبا إبراهيم.

 وتعود اللقطة التصويرية في النهاية لتصور مشهد موت اليهودي الحالي وهو في التسعين من عمره حين رفض المسلمون دفنه في مقابرهم وكذلك اليهود فما كان من سعيد إلا أن يجمع بقايا جثتي والديه ويضعهما في صرة ويغادر المدينة لا أحد يعلم إلى أين أو ماذا سيعمل ببقايا جثتي أبويه، وتنتهي الرواية بهذا المشهد تاركة وراءها الكثير من التساؤلات الوجودية المهمة.

وهذا رابط لإكمال الرؤية الأدبية للقصة بقلم عيد عبدالله الناصر:


الأحد، 2 فبراير 2014

أعراس آمنة




 أتذكر, حين جاء جمال لخطبتي , حين حدث أبي, و حين ارتبك أمام سؤاله الذي لم يكن مفاجئا, السؤال المتوقع الذي يسأله أهل أي عروس: من وين بتعرف البنت؟!

ارتبك الحزين !! قال لي إن السماء سقطت على رأسه, و بعد قليل عرف أنها كانت ممتلئة بالغيوم. هكذا كان يستعيد الحكاية و يضحك. غرقت في ماء لم أر مثله يا آمنة, لا , ليس عرقاً, لو كان عرقاً لأحسسته يتسلل من تحت ثيابي, لكنه كان يأتي من تحتها و من فوقها.

قال له: و تحبها أيضا !

و تجرأ الحزين و قال له: و هل على الرجل أن يتزوج المرأة التي يكرهها ؟!
-بتتمسخر علي؟!
هكذا صرخ أبي في وجهه. بتتمسخر علي ؟ ما في عندي بنت للزواج !
وحدك الذي وقفت معي , وحدك الذي قلت لي تلك الكلمات البسيطة: و لايهمك!

-و لا يهمني و كيف و لا يهمني؟ إن لم يخطبني اليوم, فمتى يكون ذلك , بعد أن يعود من مصر؟ لم تزل أمامه أربع سنوات حتى يتخرج, والله يعلم ما الذي يمكن أن يحدث في أربع سنوات.

و أعدتها: و لايهمك !
فقلت: ما دمت أعدتها, فإنك تعرف ما الذي تقوله, ما الذي تعنيه , فلم أفتح الموضوع ثانية.
و قلت لي: لا تقطعي أهله, زوريهم, إنهم يحبونك, عيشي معهم كما لو أنك واحدة منهم, خطيبة ابنهم, زوجة المستقبل.
فِكرك !؟
طبعا.
و لكن أبي سيجن.
سيجن ؟! لا, لا أظن ذلك, سيجن لو أن جمال هنا في غزة, وليس في مصر. سيجن ربما في البداية فقط.

كل ما قلته حدث, نعم, كل ما قلته. أرغى و أزبد و شتم و حين قلتَ له تزور صاحباتها , أخواته , فجمال في مصر و ليس هناك سوى الختيار و الختيارة و البنات. قال: وليكن ! لا تزورهم يعني لا تزورهم !.

لكنني عشت معهم في البيت طوال تلك السنوات أكثر مما عشت في بيتنا, و يوما بعد يوم , لم يعد يسألني: أين كنت؟ كان يراني سعيدة بوجودي معهم, الله يرحمه. لست أدري لماذا كان عليه أن يبدو قاسياً. هل هنالك سبب سوى أنه أب, و أن همومنا أكبر من جيل ؟!

ناداني, وقال لي: تزوجيه يابا. أفضلُ بيت للبنت هو البيت الذي يحبها فيه أهل زوجها أكثر منه. الآن أعرف أنهم يحبونك!

وصمت طويلاً. ثم قال لي: أما أن يأتي هو ويقول لي أنه يحبك, هكذا من الباب للطاقة, فهذا لا يجوز, فهمت.

قلت له: حاضر.
و عندها راح يضحك و يضحك: هل اعتقدت أنني أقول هذا الكلام عن جد ؟!!
وراح يضحك و يضحك حتى مات.
الله يرحمه.

*****************

كان هذا مقطع لرواية جميلة تحكي قصة بنت غزاوية اسمها آمنة , ستعيش معاها تفاصيل الحياة في غزة ...في جزيرة تقع بين بحر الآلام و بحر الآمال ..

رابط تحميل الرواية كاملة: