خلال هذا الاسبوع قرأت رواية فريدة من نوعها اسمها اليهودي الحالي،
هكذا كانت تطلق فاطمة بنت المفتى على الفتى اليهودي سالم ابن النقاش. لم أعد أقرأ
كثيراً لكن هذه الرواية شدت انتباهي بشكل عجيب و تركتني في حالة تشوق لقرائتها
فصلاً بعد فصل. و في النهاية ترتكتني هذه الرواية في حالة من الذهول فقد عالجت
موضوع الأنا و الآخر على نحو بالغ الجراءة.
و لنترك تقديم الرواية على لسان الكاتب و الشاعر اليمني علي المقري:
كانت فاطمة تقرأ القرآن على سالم الشاب اليهودي، و تعلمه اللغة
العربية. و كان يعلمها هو العبرية. تحابا ،
و لكنه حب محرم في ظل الخلاف بين اليهود و المسلمين في قرية ريد اليمنية.
مضيا غير مكترثين بالأصوات المعترضة. استقرا في صنعاء حيث بدأت رحلة
أخرى من المواجهة.
راوية حب قوية تنقل القارئ إلى أجواء الصراع الذي عاشه اليمن في القرن
السابع عشر بين المسلمين و اليهود.
*************
رواية تجعلك تعيش تناقضات التعامل مع الآخر المختلف في الدين و
المذهب, و الحكم المسبق على الأصول و الخلفيات و كأنها وحدها هي من تعرف و تتحكم
في مصير الانسان.
و حينما يأتي أمر كالحب لا يعرف حداً للأدوار التي وضعها المجتمع و لا
يعترف باختلاف المشارب و الجذور, يرتبك ازاءه المجتمع و يرى هذان الشخصان
المتحابان نفسيهما خارج إطار هذا المجتمع منبوذان من هنا و هناك.
إليكم ملخص الرواية بقلم الأستاذ عيد عبدالله الناصر:
مائة وخمسون (150) صفحة من الحجم المتوسط، هي مسافة الطريق الذي قطعه علي المقري في رواية “اليهودي الحالي” و يتوقف المشوار السردي عند مفترق طرق خماسي الجهات في لحظة تشعر فيها بأنك في حاجة ماسة للمتابعة، بشكل أو بآخر، بمفردك أو برفقة صديق آخر، بشرا أو كتابا أو ذكريات .
هي حكاية كل النزاعات بين مختلف
الأديان والمذاهب والأفكار الوضعية والسماوية رمزت في ثلاثة أجيال يمانية: فاطمة
وحبيبها اليهودي الحالي (سالم)، والثاني ابنهما سعيد، والثالث حفيدهما
إبراهيم بن سعيد. الجزء الأكبر والرئيسي من الرواية يحكي قصة فاطمة، ابنة مفتي
القرية، التي أحبت الصبي اليهودي (سالم) الذي كان كثير التردد على منزل العائلة
لأنه كان يقضى حوائج منزلهم من الحطب وغيره، أحبته فعلمته الكتابة والقراءة باللغة
العربية، هذه الخطوة التي صارت أشبه بالحرب في حارة اليهود الذين قرروا على إثرها
تعليم أولادهم القراءة والكتابة بالعبرية، فتمكن سالم من تعلم العبرية أيضا
وتعليمها إلى فاطمة ليتحقق بذلك مشهد التبادل والتكامل الفكري والثقافي بينهما.
بعد بلوغ سالم سن الرجولة خطبته فاطمة لنفسها فتزوجا سرا وخرجا من القرية إلى
صنعاء، وتوفيت فاطمة وهي تضع مولودهما الأول (سعيد) فصارت قضية دفنها في مقابر اليهود مشكلة (لأنها
كافرة)، وصارت تربية المولود الجديد قضية لم يكن لها حل سوى حبيبين شبيهين لفاطمة
وسالم هما صبا اليهودية وعلي بن المؤذن اللذين تزوجا وتركا مدينتهما إلى صنعاء. وحين
كبر سعيد تزوج بفتاة أمها يهودية ووالدها مسلم وأنجبا إبراهيم.
وتعود اللقطة التصويرية
في النهاية لتصور مشهد موت اليهودي الحالي وهو في التسعين من عمره حين رفض
المسلمون دفنه في مقابرهم وكذلك اليهود فما كان من سعيد إلا أن يجمع بقايا جثتي
والديه ويضعهما في صرة ويغادر المدينة لا أحد يعلم إلى أين أو ماذا سيعمل ببقايا
جثتي أبويه، وتنتهي الرواية بهذا المشهد تاركة وراءها الكثير من التساؤلات
الوجودية المهمة.
وهذا رابط لإكمال الرؤية الأدبية للقصة بقلم عيد عبدالله الناصر: